( موش قاعد ) . لفظة طالما ترددت على أسماعنا كلما دخلنا على موظف من الموظفين لكي نتم معاملةً ما ، إلى الدرجة التي صرنا معها نستسيغ بكل بساطة هذه اللفظة دون أن تثير في ذواتنا أية انفعالات أو اعتراضات . وهي وللأسف الشديد - وإن كانت من حيث الشكل مجرد كلمة ليس إلا - تشكِّل مصطلحاً يختزل واقعاً متردياً وأزمة أخلاقٍ تعتصر قوام مجتمعنا النحيل أصلاً عن كل ما يدعو للتفاخر أو التباهي . وللأسف الشديد أيضاً أن مجتمعنا صار لا يجيد شيئاً مما قد يغير أو يصلح أو يرقى بهذا الواقع المتردي أكثر من مجرد الإنتقاد وتتبع مواطن الزلل وجلد الذات ، ولا أدلَّ على ذلك مما أفعله أنا الآن " كاتب هذه الأسطر " عندما أعجز عن كل شيءٍ سوى الكلام !. ( موش قاعد ) ، كم صفعت هذه الكلمة من مواطنٍ مسكينٍ ربما كان - أو كانت - عجوزاً بائساً جاء من مسافةٍ تتجاوز عشرات الكيلومترات وهو يلوِّح للسيارات أو يستأجرها في أحسن الأحوال ، لكي تحمله إلى حيث يفترض أن ينهي معاملته . ليفاجأ بأحدهم - أو إحداهن - وهو يسدد له هذه اللطمة وهو " متفقعص " بكل صفاقةٍ وصلف ؟. ( موش قاعد ) ، كم تحطم على أعتاب هذه الكلمة من حلمٍ لشابٍ مسحوق ، نهض منذ الساعات الأولى للصباح وهو يرنو لأن تكون خطواته المقبلة في اتجاه هذه الإدارة أو تلك فاتحة خيرٍ أو بارقة أملٍ لمستقبلٍ أفضل ؟. ( موش قاعد ) ، كم اطمأن لها من موظفٍ غائبٍ عن عمله وأمن من شر عقابها وعظم إثمها عند الله ، لمجرد أن رئيسه المباشر قد تواطأ معه وغض الطرف عن غيابه وتقصيره ، معتقداً أنه بذلك قد أفلت من المسؤولية أمام رب العالمين ؟. ( موش قاعد ) ، كم أثارت من تساؤل وأبكت من عينٍ وأضرمت من غيظٍ دار في خلد من سمعها وهو يخرج من ذلك المكتب هائماً على وجهه وهو يردد دعوةً ربما صادفت باباً مفتوحاً للسماء ليس بينها وبين الله حجاب قائلاً : " الله يخرب بيوتكم " ؟. فيا كل من قرأت هذه الكلمات وكنت على نحو ما فهمته منها ، تدارك نفسك قبل فوات الأوان ، فإن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل وذلك حتى تطلع الشمس من مغربها . واعلم أنك راعٍ في عملك ومسؤول عن رعيتك . وأنك مؤتمن فيما استخلفك الله فيه من قضاء حوائج الناس ، فضع أمامك دوماً قول الله تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) . وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي الذي رواه عن ربه جل وعلا : ( ياعبادي ، لقد حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّماً قلا تظالموا ) وأي ظلمٍ أشد من أن يفاجأ من شد إليك الرحال متجشماً الحر والصقيع والتعب والجوع لكي ينال حقه الذي استرعاك الله فيه فيقال له : ( موش قاعد ) ؟!!..
الثلاثاء، 23 فبراير 2010
( موش قاعد ) بقلم / عبدالله الشلماني
( موش قاعد ) . لفظة طالما ترددت على أسماعنا كلما دخلنا على موظف من الموظفين لكي نتم معاملةً ما ، إلى الدرجة التي صرنا معها نستسيغ بكل بساطة هذه اللفظة دون أن تثير في ذواتنا أية انفعالات أو اعتراضات . وهي وللأسف الشديد - وإن كانت من حيث الشكل مجرد كلمة ليس إلا - تشكِّل مصطلحاً يختزل واقعاً متردياً وأزمة أخلاقٍ تعتصر قوام مجتمعنا النحيل أصلاً عن كل ما يدعو للتفاخر أو التباهي . وللأسف الشديد أيضاً أن مجتمعنا صار لا يجيد شيئاً مما قد يغير أو يصلح أو يرقى بهذا الواقع المتردي أكثر من مجرد الإنتقاد وتتبع مواطن الزلل وجلد الذات ، ولا أدلَّ على ذلك مما أفعله أنا الآن " كاتب هذه الأسطر " عندما أعجز عن كل شيءٍ سوى الكلام !. ( موش قاعد ) ، كم صفعت هذه الكلمة من مواطنٍ مسكينٍ ربما كان - أو كانت - عجوزاً بائساً جاء من مسافةٍ تتجاوز عشرات الكيلومترات وهو يلوِّح للسيارات أو يستأجرها في أحسن الأحوال ، لكي تحمله إلى حيث يفترض أن ينهي معاملته . ليفاجأ بأحدهم - أو إحداهن - وهو يسدد له هذه اللطمة وهو " متفقعص " بكل صفاقةٍ وصلف ؟. ( موش قاعد ) ، كم تحطم على أعتاب هذه الكلمة من حلمٍ لشابٍ مسحوق ، نهض منذ الساعات الأولى للصباح وهو يرنو لأن تكون خطواته المقبلة في اتجاه هذه الإدارة أو تلك فاتحة خيرٍ أو بارقة أملٍ لمستقبلٍ أفضل ؟. ( موش قاعد ) ، كم اطمأن لها من موظفٍ غائبٍ عن عمله وأمن من شر عقابها وعظم إثمها عند الله ، لمجرد أن رئيسه المباشر قد تواطأ معه وغض الطرف عن غيابه وتقصيره ، معتقداً أنه بذلك قد أفلت من المسؤولية أمام رب العالمين ؟. ( موش قاعد ) ، كم أثارت من تساؤل وأبكت من عينٍ وأضرمت من غيظٍ دار في خلد من سمعها وهو يخرج من ذلك المكتب هائماً على وجهه وهو يردد دعوةً ربما صادفت باباً مفتوحاً للسماء ليس بينها وبين الله حجاب قائلاً : " الله يخرب بيوتكم " ؟. فيا كل من قرأت هذه الكلمات وكنت على نحو ما فهمته منها ، تدارك نفسك قبل فوات الأوان ، فإن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل وذلك حتى تطلع الشمس من مغربها . واعلم أنك راعٍ في عملك ومسؤول عن رعيتك . وأنك مؤتمن فيما استخلفك الله فيه من قضاء حوائج الناس ، فضع أمامك دوماً قول الله تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) . وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي الذي رواه عن ربه جل وعلا : ( ياعبادي ، لقد حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّماً قلا تظالموا ) وأي ظلمٍ أشد من أن يفاجأ من شد إليك الرحال متجشماً الحر والصقيع والتعب والجوع لكي ينال حقه الذي استرعاك الله فيه فيقال له : ( موش قاعد ) ؟!!..
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك 4 تعليقات:
أحسنت ياشيخ عبد الله .. نعم كثيراً ما سمعنا هذه الكلمة الاستفزازية، وحبذَ لو تصاحبها ابتسامة لتخفف من ثقلها على النفوس..(ومتخفش جاكتك قاعدة)
علاء
أخي علاء ..
أشكرك على مرورك الجميل من مدونتي المتواضعة ..
ورد بالك من الجاكة ..
موش قاعد ... موش فاضي ..
وغيرها من الكلمات التي تعودنا عليها ...نجد العدر عندما يكون الموظف غير موجود بسبب ضروفة ولكن من المفترض ان يكون هناك صف ثاني وثالث لكي يجد المواطن الموظف البديل لكي ينهي له خدمته...
سلمت يداك
موش قاعد ... موش فاضي ..
وغيرها من الكلمات التي تعودنا عليها ...نجد العدر عندما يكون الموظف غير موجود بسبب ضروفة ولكن من المفترض ان يكون هناك صف ثاني وثالث لكي يجد المواطن الموظف البديل لكي ينهي له خدمته...
سلمت يداك......eman*
إرسال تعليق