الجمعة، 22 يناير 2010

كاميرات تريد أن تطفيء نور الله


( بقلم / عبدالله الشلماني )

إنه مما يبعث على الفرح والسرور والبهجة ، هذه الظاهرة اللافتة من إنتشار القنوات المحتشمة ذات التوجهات التربوية والأخلاقية الملتزمة وصاحبة الفكر المعتدل الذي يتبنى الوسطية كأسلوب عملٍ وطريقة تفكير ومنهج حياة ، وإن كان في البعض منها من الهنات والقصور ما فيه ولكن يبقى القول أن عمل البشر لاينفك عن النقص ( والكمال لله وحده ) ، غير أنه من الملاحظ سواء في تلك القنوات أو في غيرها شيوع وانتشار المسلسلات التاريخية التي تتناول شخصيات الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أجمعين ،والقادة العظماء من المجاهدين الفاتحين المسلمين ، وعلماء وفقهاء ودعاة ومجددي ثقافة وفكر الأمة على مختلف حقب وعصور الدولة الإسلامية ، والإعتراض على تلك المسلسلات والتمثيليات والأفلام ليس تناولها للشخصيات مجرداً في حد ذاته ، بل على تصويرها وطرحها لشخصيات أولئك العظماء من رموز أمتنا على نحوٍ لايليق بمكانتهم ولا بعظمتهم ولا بما يمثلونه من مُثُلٍ وقيمٍ رمزيةٍ سامية في قلوب الناس ، من حيث إضافةِ تفاصيل وجزئيات مغلوطة عادةً ما يعزوها القائمون على صنع تلك المسلسلات للضرورة ( الدرامية ) !! ، كالتركيز على سبيل المثال على النواحي العاطفية والغرامية المبالغ في ميوعتها ووقاحتها وانعدام حشمتها وعفتها والتي ( يفبركها ) ويخترعها صانعو المسلسل لكي يضفوا - حسب زعمهم – شيئاً من الواقعية والنزعة الإنسانية البحتة والمجردة على حياة تلك الشخصيات والرموز ، وكأنهم لا يعلمون أنهم بذلك يطبعون صورةً مشوهةً وبشعةً في أذهان الناس عن تلك القامات السامقة من الصحابة والقادة والعلماء والأعلام . ويزعزعون ثقة المشاهد ويزلزلونها في تلك الشخصية الرمز لكي تهتز صورتها وتتضائل قيمتها المعنوية والدلالية في قرارة نفس المشاهد وعقله الباطن . من خلال إظهارهم للشخصية على هيئة الإنسان العادي أو حتى الأدنى مرتبةً من العادي ، عبر إبرازها في إطار اتباع النزوات والإلتفات إلى السفاسف والإنشغال بتوافه الأمور دون عظائمها ، وأنا على يقين راسخ بأن وراء هذه التوجهات الإعلامية من الدسائس والأيدي والنوايا السوداء الخفية ما ورائها ، على اعتبار أن أمتنا تواجه اليوم هجمةً شرسةً على كافة الأصعدة والميادين ، وليست الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم أولها ولن تكون آخرها ، وربما سيقول البعض أن هذا الكلام هو تأثرٌ بنظرية المؤامرة وعقدة النقص والخوف من الآخر التي تصل إلى حد الوسواس ، لكنني أؤكد أن الأمر يتعدى ذلك بكثير ،وأن نظرية المؤامرة ورغم اعتراض البعض عليها وتبسيطهم لشأنها والإستهزاء بمن يقول بوجودها ،إلا أن ذلك لا يلغي أنها ماثلة للعيان بوجهها القبيح السافر ، الذي لا يخفى إلا على من يضع رأسه في الرمل كما يفعل النعام ،أو من يحاول في عبثٍ أن يخفي شعاع الشمس بالغربال في رابعة النهار ، لذلك علينا الحذر ياأعزائي في أي مكان تصل إليه هذه الكلمات ،من أن نتأثر سلباً بما تتركه في أذهاننا تلك المسلسلات التي تسيء لرسلنا أو لأئمتنا وعلمائنا وقادتنا ورموزنا من حيث تدري أو لا تدري وسواءً بسوء نيةٍ أو بحسنها ، وبما تترك في نفوس وذاكرة ووجدان أجيالنا الناشئة من آثار سلبية ومدمرة ، ومن تشويشٍ واضطرابٍ في المفاهيم والقناعات عن تلك الرموز ، وحبذا لو صرفنا النظر نحن وأبناؤنا عن مشاهدتها أصلاً إلا لمن أراد أن يتتبع مواطن الزلل والخلل فيها ليحذرها هو ويحذِّر منها غيره ، وأقول لمن يقوم على إنتاج وصنع تلك الدراميات المغرضة - إن وصل إليهم صوتي - ثوبوا إلى رشدكم ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ثوبوا إلى رشدكم ، يا من تريدون أن تطفئوا نور الله بأفواهكم وأقلامكم وعدسات كاميراتكم ، ويأبى الله تعالى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون والمنافقون والمندسون !!